دليل المواطن الصحفي

هذا الكتيّب

هذا الكتيّب هو عبارة عن دليل بيداغوجي مبسّط  يجمع بين النّظري والتقني والتطبيقي، ويسلّط الضّوء على صحافة المواطن ويحيط بها من كلّ جوانبها بدءا بالتعريف بها وتفكيك السياق التاريخي لظهورها، مرورا بخصائصها وتقنياتها وأشكالها، وصولا الى المعايير التحريرية والاخلاقية التي يتوجّب على المواطن الصحفي التحلّي بها خلال مباشرته لهذا النشاط المدني. 

وتكمن أهميّة هذا الكتيّب في قدرته على الاجابة على أغلب الأسئلة التي قد تدور في ذهن كلّ مواطن(ة) يرغب في وُلوج عالم صحافة المواطن والتدوين والإعلام البديل بشكل عام.

 ولا يكتفي الدّليل بتقديم لمحة نظرية وأكاديمية عن صحافة المواطن وتاريخيّتها بل يتجاوز ذلك ليغوص في ثنايا تقنيات التحرير وصناعة المحتوى، والأشكال التحريرية التي يمكن أن يتّخذها المحتوى، وكيفيّة بثّ وترويج المحتوى، والمعايير التحريرية والأخلاقية لصحافة المواطن، بالإضافة إلى ميثاق شرف  المواطن الصحفي وهو عبارة عن مخرجات ورشة عمل تفاعلية جمعت عددا من المواطنين الصحفيين تحت إشراف مركز تطوير الاعلام وأفرزت صياغة ميثاق هو الأوّل من نوعه في تونس. 

حاولنا ، قدر الإمكان، خلال إنجاز هذا الدليل، اجتناب السقوط في العموميات والاكتفاء بتقديم مادّة مقتضبة ولكنّها تتطرّق مباشرة الى أصل الموضوع وتحيط به من كلّ جوانبه حتّى لا يجد المواطن الصحفي نفسه تائها بين دروس نظرية لن تزيد سوى في حيرته. وقد ذيّلنا هذا الكتيّب بمجموعة من المراجع والوثائق البيداغوجية التي من شأنها مزيد انارة سبيل المنتفعين بهذا الدّليل وتعميق معارفهم اكثر فأكثر. 

"مواطن أو مجموعة مواطنين يلعبون د ورا حيويّا في عملية تجميع، تغطية وتحليل ونشر الأخبار والمعلومات. والغرض من هذه المشاركة هو تقديم معلومات مستقلة، معتمدة، صحيحة، متنوّعة ومناسبة. معلومات تتطلّبها روح الدّيمقراطية.

بومان و وليس

الفكرة من وراء صحافة المواطن هي امكانية استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة وشبكة الإنترنت العالمية من طرف من ليس لهم أيّ تكوين صحفي مهني (بمفردهم أو بالتعاون مع الآخرين) وذلك بهدف الابتكار وتحقيق الاضافة والتثبت ممّا يبثّه الاعلام

مارك غلايسر

انّ فكرة صحافة المواطن تتحقّق عندما يستخدم عامّة الناس المعروفون بالجمهور الأدوات الصحفية التي بحوزتهم ليخبروا أناسا آخرين بأحداث مهمّة، تلك هي صحافة المواطن.

دجاي روسن

أعتقد أنّ أولئك الذين يكرّسون أنفسهم لتكون لهم سمعة حسنة فيما يخصّ الحصول على الخبر الصّحيح والحصول عليه أوّلا، لا يحتاجون بالضرورة أن يشتغلوا لحساب الواشنطن بوست أو النيويورك تايمز". 

هاوورد راينغولد

مقدّمة لابدّ منها

يوما بعد  يوم، يفقد الإعلام التقليدي سلطته على الجمهور وتتراجع قدرته على توجيه الرأي العام بسبب دخول الإعلام الجديد على خطّ الأحداث بكلّ ما يختزنه من تقنيات جديدة وسرد بصري جذّاب وتفاعلية ممتعة تقطع مع السّرد العمودي الأحادي للأحداث. 

هذا العالم السّردي الجديد متّسق تمام الاتّساق بتطوّر الويب وكسرِهِ لمعاهدة (صانع المحتوى/مستهلك المحتوى) التي سيطرت على العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور لعقود من الزّمن.  

 وإذا كان لابدّ من اختزال مفهوم الميديا الجديدة في عبارة واحدة فهي -حسب وجهة نظرنا – تتمثّل في « انفجار المحتوى ». والانفجار، هنا، يتعلّق أساسا بمسار صناعة المحتوى contenu / content وترويجه وطبيعة العلاقة القائمة بين « صنّاعه » و »مستهلكيه » وقنوات ترويجه.

فالميديا الجديدة (الاعلام الجديد) هدمت كلّ هذه المصطلحات وفجّرت العلاقة  العمودية الاحتكارية التي ظلّت على مدى عقود من الزمن تمنح لصنّاع المحتوى créateurs de contenus اليد الطّولى لاحتكار صفة « الباث » وبالتالي السيطرة على مسار المحتوى منذ اختيار فكرته وترتيب أولوياته الى حين بثّه لـ »المتلقّي » الذّي يستهلكه بشكل سلبي أو في أحسن الأحوال يتفاعل معه بشكل جزئي دون القدرة على تعديل المحتوى أو التدخّل في مسار انتاجه وترويجه.

الى هذا المستوى يلُوحُ عنصر التفاعلية interactivité عنصرا محوريا في عالم الميديا الجديدة، حيث يمتزج « الباثّ » بـ »المتلقّي » وتتعدّد قنوات الاتصال بينهما وتندمج لتنتج وفق هذه الرؤية الميدياتيكية الجديدة عالما سرديا Univers narratif متعدد الوسائط والأبعاد. 

لا يمكن الحديث عن ميديا جديدة، وبشكل خاصّ عن عالم الويب التفاعلي 2.0، دون المرور بصحافة المواطن التي كانت سببا مباشرا في « تثوير » الميديا وإعطاء أبعاد متعدّدة للمحتوى وتحريره من قيود الاتّصال الخطّي (باثّ،  رسالة، متلقّي).

هذا النوع من الصحافة، ان صحّ اعتماد مصطلح صحافة، خلق مسارات علائقية دائرية معقّدة ومتشعّبة بين مختلف المتدخلين في عملية إنتاج المحتوى وترويجه واستهلاكه، وقطع مع ثنائية الباث الاحتكاري والمتلقّي السلبي.

 وتضع صحافة المواطن الميديا الاجتماعية social media / médias sociaux في مرتبة متقدّمة تتيح لها لعب دور رئيسي أو تكميلي في المسار السردي، ما يضفي على المحتوى بُعدا اجتماعيا يتأتّى أساسا من تشريك الأفراد والجماعات الافتراضية في مسار السرد وإدماجهم في العالم السردي بصفتهم شركاء في السرد لا مجرّد مستهلكين سلبيين. 

وبالرّغم من سهولة إيجاد موطئ قدم في الميديا الاجتماعية (فايسبوك، تويتر، يوتيوب، فليكر، انستجرام، منتديات، غرف دردشة، مدوّنات الخ) الّا أنّ المؤسسات الصحفية التونسية والعربية عموما مازالت لم تبلغ مستوى التوظيف الجيّد لهذه الميديا في إطار استراتيجية « ترانس ميديا » متكاملة، حيث تكتفي هذه المؤسسات بنشر مضامينها الصحفية كما هي على الفيسبوك ووضع روابط موادّها السمعية البصرية والمكتوبة على تويتر أو في أحسن الأحوال إجراء سبر آراء وجمع شهادات لاستغلالها في تأثيث برنامج ما أو كتابة تحقيق أو روبورتاج حول ظاهرة ما في المجتمع. 

من الويب التفاعلي وُلدت صحافة الجمهور أو ما يعبّر عنها اصطلاحا بصحافة المواطن بصفتها أحد تمظهرات الإعلام الجديد. وهي لا تعوّض الصحافة التقليدية بقدر ما تنافسها مستفيدة من عامل القرب، بل وتكمّلها وتكون لها مصدرا أوّليا للمعلومة في أوقات كثيرة. 

ويمكن القول انّ صحافة المواطن ترتكز أساسا على ثلاث نقاط :

 

  • اعتبار شبكة الإنترنت فضاء رئيسيا للنشر والتعبير عن الرأي والتفاعل مع المجتمع والسلطات.
  • العمل على دفع المواطن للمشاركة في قضايا الشأن العام ودعم الممارسة الديمقراطية والدفاع عن القيم الكونية لحقوق الإنسان.
  • النأي بمخرجات صحافة المواطن عن كلّ توظيف تجاري أو مصلحيّ  ضيّق واعتباره امتدادا لرسالة الإعلام البديل.

Insert your error message here, if the PDF cannot be displayed.

أهدافه

يهدف هذا الدّليل الى  تمكين المواطن(ة) الصحفي(ة) من المهارات التحريرية والتقنية والأخلاقية الأساسية  لدخول عالم التدوين والإعلام البديل بشكل عام. وينهل هذا الدّليل من المنظومة الكونية لحقوق الإنسان والمواثيق الأخلاقية المرجعية وجملة المعاهدات الدولية المتعلّقة بحريّة التعبير والصحافة  والنشر ويعتبرها مرجعا أساسيا له.

نسعى من خلال هذا الكتيّب الى زرع ثقافة المشاركة في قضايا الشأن العام لدى عموم المواطنين وبشكل خاصّ لدى فئة الشّباب وتمكينهم من الأدوات اللازمة المتاحة من أجل الاضطلاع بممارسة رقابة مدنيّة اعلامية على أداء السلطات المحلية على وجه الخصوص والتبليغ عن قضايا الفساد ونقل صوت المواطنين ومشاغلهم الى المسؤولين. 

منهجيّته

يستند هذا الدّليل إلى منهجيّة تُراوح بين البحث والتوثيق من جهة وبين المقارنة والتفكيك من جهة أخرى. 

وقد انطلقنا، تحت إشراف مركز تطوير الاعلام، من الميدان لنعود إليه من خلال اتّباعنا جملة من الخطوات أدّت في النهاية إلى ميلاد هذا الكتيّب: 

الخطوة الأولى

مسح ميداني لهياكل ومبادرات ونشطاء الإعلام البديل (مواقع وصحف ومدوّنات مواطنيّة و جمعياتية، إذاعات ويب ونوادي صحافة المواطن) في محافظات الغرب التونسي. أتاح هذا المسح جمع المعطيات الكمّية و الامبيريقية. 

الخطوة الثانية

عقد سلسلة من الدورات التدريبية على مدى السنوات الثلاث المنقضية استفاد منها العشرات من النشطاء في محافظات الغرب التونسي. كشفت هذه الدورات جملة المهارات والمعارف التي يحتاج إليها المواطن(ة) الصحفي(ة) في تونس وخارجها.

الخطوة الثالثة

تنظيم ورشات عمل تفاعلية مع العشرات من نشطاء وناشطات صحافة المواطن أسفرت عن صياغة ميثاق المواطن الصحفي. 

هذا الكتيّب الذي بين أيديكم هو عصارة كلّ تلك الخطوات مجتمعة. وهو وثيقة قابلة للتعديل والتطوير كلّما اقتضت الحاجة ذلك على اعتبار أنّه سيكون متاحا في نسخة الكترونية تفاعلية على موقع مركز تطوير الاعلام MDC.

  • من هو المواطن الصحفي ؟

إذا كنت تنشط في مجال صحافة المواطن فاعلم أنّك أصبحت جزءا من مفاهيم ومصطلحات وتسميات مختلفة تؤدّي بالضرورة إلى نفس الفكرة:  

الصحافة التشاركية (participatory journalism)،

الإعلام مفتوح المصدر (open-source media)،

الإعلام الديمقراطي (democratic media)،

صحافة الشارع (street journalism)،

 الإعلام البديل (alternative media)،

الصحافة الشعبية (grassroots journalism)، 

صحافة الجمهور (public journalism)، 

صحافة المواطن هو مصطلح يرمز لأعضاء من العامة (عموم الناس) يلعبون دورا نشيطًا في عملية جمع ونقل وتحليل ونشر وتداول الأخبار والمعلومات عبر مختلف أدوات شبكة الإنترنت ووسائلها المتنوعة. 

ويتمّ تصنيف هذا النشاط ضمن الأنشطة المُواطنية والمدنية غير الربحية، حيث لا يهدف من ورائه صاحبُه الى تحصيل الكسب المادّي أو بيع المحتوى بل تطويع المهارات التي يملكها في مستوى النشر والتّدوين من أجل تبليغ صوت النّاس والتشهير بالفساد والممارسات المخلّة بقيم الحوْكمة الرشيدة والديمقراطية، ولفت نظر المسؤولين الى القضايا التي تهمّ الناس على المستوى المحلّي على وجه الخصوص حيث لا توجد تغطية إعلامية كافية من وسائل الإعلام الاحترافي. 

ساهم الجيل الثاني للويب Web 2.0 في انتشار ثقافة التدوين على شبكة الانترنت. وقد أصبح التدوين شائعا بين عموم الناس بعد ظهور منصّات عديدة للتدوين الحرّ فضلا عن بداية ظهور شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا على غرار موقع فيسبوك. 

هذا الانتشار دفع بالباحثين في مجالات عديدة، وفي مقدّمتها علوم الاجتماع والاتصال، الى تأصيل هذه الظاهرة نظريا ومحاولة تفكيكها وفهم ميكانيزماتها. من بين هؤلاء نذكر :

كليمنسيا رودريغيز (2001) Clemencia Rodriguez صاحبة مصطلح « إعلام المواطن »، 

بومان و وِلِيس (2003) Bowman and Willis صاحبَا مصطلح « الصحافة التشاركية »، 

دان غيلمور (2004) Dan Gillmor صاحب مصطلح « الصحافة الشعبية »،

هاكات و كارول (2006) Hackett and Carroll صاحبَا مصطلح « الإعلام الديمقراطي » 

اختلفت التسميات والمفاهيم ولكنّها ظلّت اجمالا وفيّة لفكرة أساسية ألا وهي وضع الجمهور في معترك العمليّة الاتصالية وإخراجه من خانة « المستهلك » السّلبي كي يتحوّل الى مشارك في صناعة المحتوى وترويجه. هذه الفلسفة المبنيّة على التشاركية والقرب انبثق عنها مفهوم المواطن الصّحفي

  • هل « المواطن الصّحفي » صحفي حقّا ؟ 

يخلط النّاس في أحيان كثيرة بين المواطن الصحفي من جهة والصحفي الاحترافي من جهة أخرى وذلنظرا لتشابه المحتوى الذّي ينشره كلّ منهما في مناسبات عديدة. وبالرغم من هذا التشابه النسبي الّا أنّه توجد اختلافات جذرية تفرّق بين صحافة المواطن والصحافة الاحترافية: 

 المواطن الصحفي هو شخص له درجة من الوعي تتيح له التشبّع بثقافة المواطنَة والمشاركة في الشأن العام والوعي بحقوقه وواجباته السياسية. يُترجِم هذه المشاركة من خلال الاشتباك مع قضايا المجتمع على المستوى المحلّي خاصّة، والسعي إلى جمع الأخبار التي قد يغفل عنها أو يتجاهلها الاعلام التقليدي والعمل على نشرها على شبكة الإنترنت.

 فالمواطن الصّحفي  ليس صحفيا محترفا لأنّ هذا الأخير يمتهن الصحافة ويمارسها وفق ضوابط مهنية وقانونية محدّدة ويتقاضى أجرا مقابل ذلك، في حين يمارس المواطن الصحفي نشاطه بشكل تطوّعي على شبكة الانترنت يحرّكه، في القيام بذلك، الإلتزامُ الذاتي والمسؤولية الإجتماعية ومراقبة بقية زملائه ومتصفحي شبكة الإنترنت له. 

واذا كانت وسائل الإعلام الجماهيرية تقوم على قاعدة نشر المعلومة من الفرد إلى المجموعة، فانّ صحافة المواطن تقوم أساسا على قلب المعادلة والإعتماد على نشر المعلومة من الكل إلى الكل وذلك بالاعتماد على مواطنين صحفيين. 

وتستمدّ صحافة المواطن أهميّتها بشكل رئيسي من ثلاث خصائص تكمّل بعضها البعض:

ونقصد بالقرب اتّساق المواطن الصحفي ببيئته المحلّية وقربه من مشاغل الناس المحيطين به والذّين قد يكونون خارج منظار الاعلام التقليدي الذي يركّز اهتمامه عادة على الشأن المركزي ويتجاهل أو يغفل عن تغطية القضايا ذات البُعد المحلّي.  

 

وأمّا التنقّلية فهي القدرة على التنقّل بسرعة مكان الحدث ورصد الشهادات وصناعة المحتوى ونشره بشكل مبسّط وسريع عبر الاستعانة بجهاز هاتف ذكيّ لا غير.

 

 وبالنسبة الى التفاعلية فهي تعني القدرة على التفاعل مع النّاس بشكل حيني والانصات الى مشاغلهم وأفكارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعديل المحتوى في كلّ آن وحين.

 

ويمكن تلخيص تلك النقاط الثلاث السابق ذكرها في أبعاد ثلاثة وهي على التوالي :



وتتيح هذه الميزات للمواطن الصحفي امكانية منافسة الصحفي المحترف وتقديم محتوى بديل لما يقدّمه هذا الأخير، غير أنّها لا تتيح له بأيّ حال من الأحوال التحوّل الى صحفي محترف نظرا لاختلاف طابع الرسالة التي يؤدّيها كلّ من هذين الطّرفين.

 

  • متى ظهرت  صحافة المواطن؟

 

يختلف الباحثون حول التاريخ الدقيق لظهور صحافة المواطن ولكنّ أغلبهم يتّفق على أنّ الميلاد الرّسمي لصحافة المواطن كان ابّان أحداث تسونامي التي جدّت أواخر سنة 2004. خلال تلك الأحداث اهتزّ العالم على صور ومقاطع فيديو التقطها مواطنون عاديّون، تجوبُ شبكة الانترنت وتوثّق بشكل حيني لكارثة طبيعية راح ضحيّتها عشرات الآلاف من الضّحايا. 

اعتبر الباحثون أنّ تلك الحادثة أرّخت لميلاد نوع جديد من الصحافة أبطالها مواطنون بلا تكوين صحفي ولا مؤسسات تُوجّههم ولا خطّ تحريري يلتزمون به. هم مواطنون اضطلعوا، بعفوية، بمهمّة الصحفي، فأسّسوا دون وعي أو سابق نيّة، لميلاد مفهوم « صحافة الجمهور » أو كما يحلو لأغلب الباحثين تسميتها حاليّا بـ »صحافة المواطن ». 

ولئن تجلّت صحافة المواطن بشكل جيّد خلال أحداث تسونامي فانّ إرهاصاتها الأولى كانت قد بدأت في التّبلور خلال هجمات 11 سبتمبر 2001  الدّموية، حيث تناقل ملايين الناس عبر العالم صورا ومقاطع فيدو وأخبارا كان قد بثّها مواطنون على شبكة الإنترنت عبر المدوّنات والمنتديات وغرف الدّردشة.  في ذلك الوقت لم يكن فيسبوك وتويتر وانستغرام وغيرها من الشبكات الأكثر شهرة اليوم قد رأت النّور بعدُ.  

قبل الظهور الفعلي لمفهوم صحافة المواطن بشكلها الحالي، كانت مجموعة من المبادرات قد تبلورت، مطلع تسعينيات القرن الماضي تحت يافطة « الصحافة المدنية ». كان الغرض من تلك المبادرات كسرُ رتابة التغطيات الصحفية التقليدية التي كانت تهمل مشاغل الناس ولا تقدّم سوى رواية واحدة رسمية للأحداث. وقد تجلّى ذلك من خلال قيام عدد من الصحفيين المحترفين بتشريك مجموعات من المواطنين في انتاج المحتوى عبر أخذ آرائهم ومن ثمّة مناقشة المحتوى بعد نشره معهم كي يقوموا بالترويج له والدفاع عن الأفكار والمقترحات والمبادئ التي يحتوي عليها.

 

أُطلقت أول مبادرة في الصحافة المدنية عام 1977 بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي انتبه خلالها مؤيدو الصحافة المدنية الى أنّ الإعلام لم يقم بالتركيز على اهتمامات المواطنين ومشاكلهم، بل انشغل بنقل كلام المرشحين وحواراتهم و جولاتهم الانتخابية فحسب.

 تأسست، بعد ذلك، عدّة معاهد وشبكات لدعم الصحافة المدنية ونشر أفكارها، حيث تم إنشاء مركز بو للصحافة المدنية عام 1993. وقد قام هذا المركز  بتمويل أكثر من 120 تجربة صحفية في مجال الصحافة المدنية. ولهذا المركز أيضاً جائزة يقدمها كل عام للصحفيين المتميزين واسمها  « جائزة جيمس باتن للتميز في الصحافة المدنية ».

وفي عام 2003 تأسست شبكة الصحافة المدنية وهي شبكة متخصصة للباحثين الصحفيين والأساتذة المهتمين بها، بإدارة البروفيسور ليونارد ويت. تُصدر هذه الشبكة منشورات وتُدير مدونة الكترونية ترصد المبادرات والأنشطة المتعلقة بالصحافة المدنية. 

   ⇚ ظلّ هذا النوع من الصحافة مرتبطا بشكل شبه كلّي بالصحافة الاحترافية ولم يستطع التحرّر منها ليتحوّل الى صحافة المواطن نظرا الى أنّه لم ينبثق عن مبادرات شعبية أو ماطنيّة فردية على عكس صحافة المواطن. 

من أهم روّاد ونشطاء الصحافة المدنية :

 

 جيمس باتن وهو الرئيس التنفيذي لصحيفة  « Knight-Ridder » وهو مؤسس الحركة الإصلاحية « التواصل المجتمعي ».

 ديفيد ماثيوز، مدير مؤسسة كيتيرينج، وهي مؤسسة تهدف إلى تعميق دور المواطن في الممارسات الديمقراطية.

 جي روزن، أستاذ في جامعة نيويورك وصاحب كتاب « ما فائدة الصحافيين؟ » ومدونة مشهورة بعنوان « الصحافة تفكر » وهو يرى أن الصحافة يجب أن تساعد في إصلاح المجتمع.

 ديفيس ميرت، محرر سابق في صحيفة « Wichita Eagle » التي حققت شهرتها الوطنية لتبنيها مبادئ الصحافة المدنية. وهو مؤلف كتاب « الصحافة المدنية والحياة العامة » الصادر سنة 1995.

 

 

صحافة المواطن هي نتيجة حتمية لدَمَقرطَة الحياة الافتراضية وكسر العلاقة العمودية السّلطوية المفروضة على المعلومة. وتعدُّ شبكة الانترنت الحاضنة الطبيعية لصحافة المواطن والفضاء الحيوي لها. 

 

شبكات التواصل الإجتماعي: 

لئن كانت الوظيفة الأساسية لشبكات التواصل الاجتماعي المساعدة على تحقيق التعارف والتواصل الإجتماعي وإقامة العلاقات بين المستخدمين في العالم الافتراضي فانّها تحوّلت بمرور الوقت إلى فضاء للنّشر وتبادل الأفكار واقامة الحملات الاتصالية وترويج المحتوى الصحفي. 

هذه الطّفرة دفعت وسائل الإعلام التقليدية والجماهيرية الى ايلاء شبكات التواصل الاجتماعي أهمّية قصوى، وفي مقدمتها فيسبوك وتويتر وإنستغرام، نظرا لما توفّره من فُرص هائلة للوصول الى النّاس. 

يستخدم المواطن الصحفي منصّات التواصل الاجتماعية لكتابة التدوينات والنصوص وبثّ الفيديوهات والصّور. ويعتبرها وسيلة اتّصال جماهيرية وشعبية حرّة تساعده على الوصول الى أكثر عدد ممكن من الناس في أسرع وقت ممكن ودون أيّة تكاليف مادّية تذكر. 

منصّات بثّ الفيديو

وهي منصّات تفاعلية مفتوحة للمستخدمين وخدماتها مجانية تتيح إمكانية تخزين وبث وتحميل ومشاهدة مقاطع فيديو مسموعة أو مرئية، بجودات مختلفة. احتلّ يوتيوب سنة 2019 المرتبة الثانية عالميا بعد فيسبوك من حيث عدد المشتركين الذي بلغ 1.9 مليار مستخدم.  

تحوّل يوتيوب، بالإضافة الى منصّات أخرى على غرار فيميو VIMEO ، الى ميديا مستقلّة بذاتها بل انّها باتت أداة لا غنى عنها بالنسبة الى وسائل الاعلام التقليدية وفي مقدمتها التلفزيون والاذاعة حيث يتمّ الاستعانة بتلك المنصّات من أجل تخزين وبثّ المحتوى السمعي البصري فضلا عن القيام بربط البثّ الحيّ للقنوات التلفزية بهذه المنصّات من أجل ضمان الوصول الى جمهور الانترنت الذي قد لا يتابع بالضرورة التلفزيون والاذاعة. 

المدونات

 مثّلت الموجة التدوين محطّة تاريخية هامّة في تاريخ الانترنت حيث تمّ كسر العلاقة العمودية بين صانع المحتوى وبين من يستهلكه (أنظر مقدّمة هذا الكتيّب) وجعلها أفقية ما أتاح للجمهور امكانية صناعة المحتوى الخاصّ به وبثّه بكلّ حرية.  من أشهر منصّات التدوين وأسهلها استعمالا نذكر مدوّنة بلوغر Blogger و ميديوم Medium و وورد برس WordPress بالإضافة إلى عدد آخر من المنصّات سنأتي على ذكرها في قسم خاصّ خلال هذا الكتيّب. 

يتيح التدوين للمواطن الصحفي خلق موقع شخصي خاصّ به ونشر كل الأفكار والمحتوى المكتوب والمرئي والمسموع في وقت وجيز ودون أن تكون له بالضرورة مهارات التطوير التقني والكودينغ. 

المواقع الإخبارية التشاركية

هي مواقع شبيهة بالصحف الاخبارية. تمثّل هذه المواقع نقطة التقاء فعّالة بين نشطاء الانترنت والحقوقيين والمواطنين الصحفيين والمبلّغين عن الفساد حيث يتشارك الجميع في إنتاج المحتوى وتدقيقه والتحقق منه قبل نشره. ومن أشهر تلك المواقع موقع (أوه ماي نيوز) الكوري.

مواقع التحرير الجماعي

المقصود بمواقع التحرير الجماعي تلك المنصّات التي تتيح للجمهور امكانية نشر أو المشاركة في نشر صفحات وتعديلها بشكل حينيّ بالاضافة الى امكانية تعديلها من أشخاص آخرين في كلّ آن وحين. وتمثّل موسوعة ويكيبيديا أشهر مشروع تشاركي بُنيَ على أساس التحرير الجماعي. 

معيار الدقّة  

السّرعة في بثّ المادّة ونشرها للعموم قد تكون في أحيان كثيرة على حساب الدقّة، حيث من الوارد جدّا إهمال جزء من الوقائع أو تحريفه (الزمان، المكان، عدد الأشخاص، الألوان، الأوزان الخ). ويفضي الاستسهال في متابعة الأحداث ونقل المعلومات، عادة، الى السقوط في فخّ بناء قصّة على أساس معلومات خاطئة أو افتراضات أو مجرّد تخمينات قد تكون مجانبة للصواب. .

 

أ-الدقّة في الصياغة 

تمتاز الصحافة الاحترافية بالدقّة في صياغة الأخبار واعتماد لغة بسيطة ومفهومة لدى الجمهور، مع اجتناب استعمال المفردات المعقّدة الّا إذا اقتضى الأمر ذلك وارفاقها بشرح مبسّط. وتكون لغة الصحافة الاحترافية مباشراتيّة وبعيدة عن الجعجعة البلاغية و التراكيب الانشائية ولا تترك مجالا للتأويل، فضلا ن أنّها ترتقي بنفسها فوق مستوى اللهجات المحلية حتّى وان استعملت بعض مفرداتها لغايات تحريرية خاصّة جدّا. 

صحافة المواطن ليست صحافة احترافية، وهي غير مطالبة ببلوغ أقصى درجات الدقّة، غير أنّها كلّما ارتقت في سلّم الدقّة خلال صياغة المحتوى شدّت الجمهور إليها أكثر وكسبت ثقتهم واهتمامهم. 

من المهمّ جدّا أن يحافظ المواطن الصحفي على أسلوبه في الكتابة أو السّرد القصصي ولكنّ ذلك لا يتعارض مع ضرورة التحلّي بالدقّة خلال صياغة المحتوى. 

ب – دقة الصورة

قد تكون الصورة في أحيان كثيرة أبلغ من ألف كلمة. ولكنّ التكنولوجيا العصرية أثبتت بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ القاعدة الذهبية القائلة انّ « الصورة لا تكذب » ليست سوى كلاما عاطفيا لا قيمة علمية له، اذ يكفي الاستعانة ببعض البرمجيات المتاحة للعموم، على غرار فوتوشوب، حتّى يتمّ تحريف الصورة تماما وتغيير موضوعها ورسالتها. 

يمكن كذلك التلاعب بالفيديو من خلال عملية مونتاج غير بريئة حتّى يتغيّر المعنى جزئيا أو يضيع تماما.

من الضروري أن نولي الصورة الأهمّية  ذاتها التي نوليها للنصّ، وأن نخضعها لكل المعايير التحريرية حتّى لا تتحوّل الى أداة لمغالطة الرأي العام وتوجيهه:

  • قيمة الصورة تكمن في احتوائها على عناصر الجِدّة originalité والدقّة والإلمام بجوانب الموضوع واتّساقها بالحدث. فصورة واحدة قد تحكي حكاية كاملة دون اللجوء الى كلمات. 
  • نحرص على ألّا تتسبّب عملية المونتاج وإضافة عناصر التوضيح الغرافيكية  المعززة للخبر في تحريف عناصر الصورة (الزمان، المكان، الأشخاص الخ). 
  • لا نقحم المؤثرات الصوتية أو البصرية إلا والمشاهد مدرك أنها مقحمة لغرض فني فقط.
  • إذا اعتمدنا صورا أرشيفية لابدّ من الاشارة الى ذلك بشكل واضح وذكر تاريخ الصور بشكل دقيق أو تقريبي حتى لا يختلط بالراهن خاصّة في ما يتعلّق بأحداث العنف والاحتجاجات الجماهيرية والكوارث الطبيعية والانتخابات الخ.
  • نعتمد على لقطات مختلفة للتعبير عن الحدث. فاللقطات القريبة لها أهميتها في إبراز المشاعر، في حين يتمّ اعتماد اللقطات الواسعة من أجل إبراز الإطار الزماني والمكاني للحدث وجملة مكوّناته. 
  • نشير بوضوح الى مصدر الصورة احتراما للملكية الفكرية.
  • غوغل أو فيسبوك أو يوتيوب أو تويتر وغيرها من الشبكات الاجتماعية  ليست مصادر للصورة بل منصّات تحتوي على حسابات لمستخدمين. الصورة ينشرها مستخدم الفيسبوك وليس فيسبوك، لذلك من الضروري ذكر اسم صاحب الصورة عند الاشارة الى المصدر وليس الاكتفاء بالاشارة الى أنّ الصورة مأخوذة من فيسبوك. 
  • نحجب هويّة الأطفال قبل نشر الصورة. اذا تعلّقت الصورة بحدث ايجابي (نجاح، فوز في مسابقة …) لا حرج في نشر صورة الأطفال دون إخفاء الملامح على أن يتمّ الحصول على موافقة من الوليّ. 
  • لا ننشر الصور العنيفة التي تحتوي على أفعال مشينة كالقتل والذّبح والتنكيل والأطراف المبتورة.  

 

ج- دقة المعلومة

المعلومة الفضفاضة تفتح باب التأويل وبالتالي التشكيك في مصداقيتها. أمّا المعلومة الدّقيقة و المقتضبة فانّها تقود الجمهور مباشرة نحو الحدث وتحيل الى أبعاده الحقيقيّة لا المتخيّلة. 

  • نستقي المعلومة من المصدر الأساسي (القائم بالفعل، المسؤول صاحب التصريح، الضحيّة …) ونعمل على تنويع المصادر. كلّما تنوّعت المصادر واشتركت في الرواية ذاتها كلّما اقتربت الرواية أكثر فأكثر من الدقّة والمصداقية. 
  • في حال ارتبنا في محتوى بيان ما صادر ع صاحبة البيان قبل بث الخبر وطرح السؤال التالي « هل أصدرتهم هذا البيان بالفعل؟ ».
  • لا ننشر الفيديوهات أو التسجيلات الصوتية مجهولة المصدر الّا بعد التأكّد من صحّة محتواها.  وان تعذّر ذلك، يصبح قرار التأجيل أو الامتناع عن النّشر أقرب الى الصّواب منه الى الخطأ خاصّة اذا كان المحتوى خطيرا. 
  • الخبر مقدّس والتعليق حرّ. لا نخلط بين الرّأن منظمة أو حركة سياسية أو عسكرية حتى لو كان يحمل شعارها، من الضروري المبادرة بالاتصال  بالجهةي والخبر. فالرأي قد ينبني على تخمينات وافتراضات أو تحليلات ذاتية في حين يتطلّب الخبر وقائع ثابتة تتمّ صياغتها بشكل مجرّد من كل ما هو ذاتي. الغاية من الخبر اخبار الناس أمّا الرأي فاقناع الناس ومحاولة توجيههم نحو تبنّي فكرة معيّنة أو موقف ما. 
  • بإمكان المواطن الصحفي التعليق على الأحداث بكلّ حريّة وعرض موقفه الشخصي منها بشرط أن يشير الى أنّه ذلك يدخل في خانة التعبير عن موقف شخصي. 
  • يجب تحرّي الدقة في أسماء الأشخاص وألقابهم والبلدان والأحزاب والمنظمات التي يمثّلونها. 
  • من الضروري ذكر الاسم الحقيقي الكامل للكيانات أو الهيئات أو الأشخاص أو الحركات في المرة الأولى في تقاريرنا ثمّ بعد ذلك لا حرج في اعتماد الأسماء الحركية أو المختصرة على غرار « داعش » للاشارة الى « تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام » أو « الهايْكا » للاشارة الى « الهيئة  المستقلّة للاتّصال السمعي البصري » أو « ميغالو » للاشارة الى الفنان الكوميدي التونسي « وسيم الحريصي ».  

 

معيار الإنصاف 

 

التفكير بإنصاف يعني التفكير بشكل عقلاني ومنطقي يضع في الاعتبار وجهات نظر الآخرين. ويتيح الوقاية من السقوط في فخّ النرجسية والتعصّب وخداع الذّات والتقوقع في في فكرة قد لا تكون صائبة. ويسعى معيار الإنصاف إلى الوقاية من التفكير المتمركز حول الذات، فبمجرد دخول الذاتية في عملية التفكير يصبح التفكير النقدي مسمما. وعند قياس مدى الإنصاف في قرار معين، يسأل صاحب التفكير النقدي نفسه: « هل تشوه مصلحتي الذاتية تفكيري ؟ » بمعنى آخر « هل غلّبتُ مصلحتي الذاتية الضيّقة على الفكرة أو الموضوع بما جعلني أشوّهه دون وعي؟ ». 

باختصار، يمكن اعتبار معيار الانصاف ذلك الضّمير الذّي يخز تفكيرنا ويدفعنا نحو عدم هضم حقوق النّاس أو الافتراء عليهم أو ظلمهم أو إلحاق الأذى بهم من خلال تدويناتنا ونشاطنا. 

 

معيار الحياد والموضوعية 

 

درجت أدبيات مهنة الإعلام على وصف « الحياد » بأنه مستحيل. وهو كذلك إن كان مطلقاً، فلا حياد بين مجرم وقاض حكم عليه بالسجن، ولا حياد بين جلّاد وبين ضحيّته التي تجرّعت ويلات التعذيب. 

يعتبر الحياد أبرز معضلة تؤرّق الصحفيين الاحترافيين وتدفع بهم يوما بعد يوم إلى إيجاد تعريفات جديدة له تتماشى مع تعقيدات مهنة الصحافة. غير أنّ الحياد والموضوعيّة لا يتصدّران سلّم أولوّيات المواطن الصحفي على اعتبار أنّه لا يقدّم مادّة صحفيّة احترافية (مادّة صناعية تخضع للمعايير الدولية لانتاج المحتوى الصحفي) وغير مطالب، بالتالي، بالتزام الحياد اذا تعلّق بطرح أفكاره وتصوّراته. 

انّ عدم الالتزام بمعيار الحياد لا يعني السقوط في فخّ الاصطفاف الأعمى والتحوّل إلى اداة في يد هذه الجهة أو ذاك الجهاز أو ذلك الشّخص.

 المواطن الصحفي غير محايد اذا تعلّق الأمر بضرورة الفرز خلال معركة الخير ضدّ الشرّ، والحريّة ضدّ القمع، والشفافية ضدّ الفساد، والديمقراطية ضدّ الديكتاتورية، والحريّة ضدّ العبودية الخ. عدا ذلك فانّه مطالب بأخذ مسافة من الفاعلين السياسيين والنأي بنفسه عن الصراعات الحزبية والصراعات الطاحنة التي تدور رحاها بين رجال الأعمال ولوبيّات المال والتي عادة ما يخوضها بالوكالة عنهم أشخاص آخرون وجهات أخرى على غرار مؤسسات الاعلام الخاصّة. لا تكن وقودا لهذه المعارك.    

انّ المواطن الصحفي ليست له مؤسسة أو منظّمة تحميه في حال وجد نفسه عرضة للملاحقات الأمنية والقضائية على خلفية منشوراته، لذلك من الضروري جدّا أن يتوخّى الحذر ويحمي نفسه من خلال عدم الانسياق وراء الحملات المغرضة والامتناع عن الدّخول في معارك التوظيف السياسي والحزبي أو صراعات اللوبيات التي قد تلحق به الأذى الكبير. 

معيار احترام الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية 

الحياة الخاصّة للأشخاص هي شأن يهمّهم. من حقّ المواطن الصحفي تتبّع أخبار السياسيين والمسئولين وصنّاع القرار كشف جانب من حياتهم الخاصّة اذا كان ذلك على علاقة مباشرة و وطيدة بالشفافية ومحاربة الفساد والسعي لإثبات وجود شبهة الافراط في استخدام نفوذ أو تحويل وجهة المال العام. عدا ذلك، لا يحقّ المساس بالحياة الشخصية للأشخاص أو الخوض فيها أمام العامّة. 

مثال: 

 

مسئول اقتنى ساعة باهظة الثّمن لزوجته بماله الخاص الذي اكتسبه بطرق مشروعة هو أمر لا يعنيك مطلقا. 

مسئول اقتنى ساعة باهظة الثّمن لزوجته بالمال العام أو بأموال اكتسبها بطرق غير مشروعة هو أمر يمن حقّك الخوض فيه ونشره. 

 

 

إذا كنت ترغب في التدوين ودخول عالم صحافة المواطن وتبحث عن منصّة تتيح لك امكانية النشر والتفاعل فما عليك الّا أن تختار من بين المنصّات التالية ما يناسبك : 

يحتاج كلّ مواطن صحفي إلى علبة أدوات Toolbox تساعده على البحث عن المعلومات ومعالجة البيانات وتصفيفها ونشرها في شكل قصص بصرية تفاعلية جذّابة. في الوقت ذاته، يعاني أغلب المواطنين الصحفيّين من عدم القدرة على الوصول الى هذه الأدوات و/أو عدم  القدرة استخدامها بسبب الافتقار الى التّدريب اللّازم. 

في هذا المحور انتقينا لكم/لكنّ حزمة من الأدوات سهلة الاستخدام، أغلبها مجانية، تساعدكم/كن على الدخول الى عامل صحافة المواطن وبشكل عام الصحافة الرقمية بكثير من الثقة في النّفس. 

ميثاق شرف المواطن الصحفي

المواطن الصحفي هو مواطن من عامة الناس يلعب دورا نشيطًا في عملية جمع ونقل وتحليل ونشر الأخبار والمعلومات عبر استخدام الإنترنت ووسائلها المتنوعة. يسعى الى احداث تغيير ايجابي في المجتمع. ويستمد شرعيته من حقه في الاعلام والنفاذ الى المعلومات ونشرها جماهيريا. ويعتبر أحد المصادر الأوّلية في عملية إنتاج المحتوى الإعلامي. 

 

ينشط المواطن الصحفي من منطلق التزام أخلاقي ومجتمعي بصفته مراقبا لاحترام القوانين والحوكمة الرشيدة ومبلغا عن الفساد.

 يلتزم  بخدمة الصالح العام و قضايا مجتمعه. 

يلتزم بعدم نشر معلومات زائفة أو الانخراط في حملات تنال من حرمة الأشخاص والمؤسسات.

يلتزم بالمحافظة على استقلاليته وعدم توظيف نشاطه في اطار صحافة المواطن لخدمة مصالح خاصة أو فئوية غير مشروعة.

يلتزم بالتشهير بالممارسات المخلة بالدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

يلتزم بالحفاظ على الملكية الفكرية للمعلومات والوثائق والصور والفيديوهات وكل أشكال المواد التي يستخدمها وعدم تحريف محتواها.

 يلتزم باحترام خصوصية الأفراد وكرامتهم وحقهم في الصورة وعدم الإخلال بالمعايير المتعلقة بالقصر. 

يرفض الحصول على هبات أو منفعة من أجل نشر أو إخفاء المعلومات التي بحوزته. 

يلتزم تتطلب خلال المحطات الانتخابية (رئاسية، برلمانية، بلدية…) والموضوعية والدقة والتجرد في التعامل مع الشعارات والحملات الدعائية الرامية إلى كسب التأييد. كما يعطي الأطراف المتنافسة فرصاً تتلاءم مع أهميتها لإبداء آرائها وبرامجها. ولا يبث إعلانات للجهات الحزبية المشاركة في الانتخابات.

Close