مركز تطوير الاعلام

« مركز تطوير الاعلام يشارك في تنظيم ورشة عمل بعنوان « مساءلة وسائل الإعلام – إشراك الجمهور

نظّم معهد آيرش بروست للصّحافة الدّولية (ألمانيا) بالشراكة مع مركز تطوير الإعلام (تونس) ومرصد الإعلام في شمال إفريقيا والشرق الأوسط (تونس) ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام بعنوان "مساءلة وسائل الإعلام - إشراك الجمهور". احتضنت تونس العاصمة هذا الحدث في الفترة من 20 إلى 23 كانون الأوّل/ديسمبر 2021،وشارك فيه عدد من الفاعلين في مجال الإعلام في المنطقة، مثل الناشرين والصحفيين والمحررين والموفّقين الإعلاميين وممثلي منظمات وهيئات التّعديلوالتّعديل الذّاتي، فضلاً عن ممثلي الجامعات والمنظمات غير الحكومية. جاء المشاركون والخبراء البالغ عددهم 35 من الجزائر والبوسنة والهرسك وألمانيا والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وبولندا والسودان وسوريا وتونس وتركيا.

كان للورشة هدفان،يتمثّل الأول فياستكشاف المعايير والممارسات الحالية المتعلقة بمساءلة وسائل الإعلام المطبّقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام. والثّاني في التّحقيق في مشاركة الجمهور المعنيبعملية المساءلة الإعلاميّة كعنصر تفاعلي في التّفكير في الأخبار والمطالبة بالتصحيحات وكذلك في تطوير البرامج وإرسال الشكاوى في حالات انتهاك القواعد الأخلاقية ذات الصلة.

افتتحت الورشة السيدة إليسا أوزبك من القسم السياسي في السفارة الألمانية في تونس مؤكدة على أن حرية التعبير وحرية الصحافة من حقوق الإنسان الأساسية، وهي ضرورية لتطور الديمقراطية. وأكدت السيدة أوزبك أن تونس شهدت تغييرات جوهرية في تطوير وسائل الإعلام ويتم تقييمها حاليًا باعتبارها الدولة الأكثر حرية فيما يتعلق بحرية التعبير وحرية الصحافة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

صرّح أ.د. عبد الكريم الحيزاوي، رئيس مركز تطوير الإعلام في تونس، أنه على الرغم من التغييرات الإيجابية في المساءلة الإعلامية مثل إنشاء مجلس الصحافة التونسي الجديد في 2018، وإدخال الموفّقين الإعلاميين في 2014 في غرف الأخبار، وإنشاء الهيئة العلياالمستقلة للاتّصال السمعي البصري في 2013، لايمكن اعتبار هذه الإنجازات كمسلّمات!يجب أن تحظى رعاية آليات المساءلة الإعلامية بالأولوية القصوى، لا سيّما في ظل التحديات الحالية مثل الرقابة الذاتية العالية على الصحفيين ونشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت. وشدّد الحيزاوي على الدور المهم للنوايا الحسنة من داخل المجتمع الإعلامي لتحقيق مثل هذه التغييرات وأيضًا على وجود تمويل دولي في تونس، والذي كان مفتاحًا لبدء العملية: "تُعد الإرادة الحقيقية لمجتمع وسائل الإعلام بشكل عام في كل دولة من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خطوة أولى ذات صلة لبدء تقديم المساءلة الإعلامية كأداة حقيقية للدّقة والشفافية".

سلط السيد عميروش نجاع، المدير التنفيذي لمرصد الإعلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيافي كلمته الترحيبية، الضّوء على أنّه يمكن نسخ أفضل نماذج الممارسات، مثل تطبيق خطّة الموفقين الإعلاميين في غرف الأخبار التونسية، في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل ليبيا. الاستشارات والخبرة موجودة ويمكن نقلها على الفور بدعم ليس فقط من التمويل الدولي ولكن أيضًا من معهد آيرش بروست الذي نفّذ في عام 2014 مشروع الموفقين الإعلاميين في تونس. وقال السيد نجاع أنّمرصد الإعلام في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، يُرحب في المستقبل، بفرص التعاون مع معهدآيرش بروستفي المنطقة.

قدّمت أ.د.سوزان فنغلر، رئيسة معهد آيرش بروست للصحافة الدولية، عرضا شاملالمشاريع المساءلة الإعلامية التطبيقية الحالية للمعهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأشارت إلى الدّور المهم للأوساط الأكاديمية والبحثية التي يجب تضمينها في هذه العملية. وسلّطت الضوء على الدّور المهم لتونس، فهي الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي أنشأت بنجاح هياكل المساءلة الإعلامية، مثل حضور الموفقين الإعلاميين في غرف الأخبار في عام 2014 بدعم من معهد آيرش بروست وتمويل من وزارة الخارجيّة الألمانيّة.

أوضح دومينيك شبيك، الباحث في معهد آيريش بروست، النتائج الرئيسية للدراسة المقارنة "الدليل العالمي لمساءلة وسائل الإعلام"، والتي نُشرت للتو في كانون الثاني/جانفي 2022 (دارالنشرروتليدج). وأوضح بالتفصيل أنه إلى جانب الإعلاميين، فإن الجهات الفاعلة الأخرى في صناعة الإعلام مثل الجمهوروالأكاديميين والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى الإطار السياسي، لهم أدوار رئيسية في تطبيق مساءلة وسائل الإعلام. قدمت إيزابيلا كركفسكي نتائج الدراسة التجريبية "المساءلة الإعلاميّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" التي أجراها في عام 2021 معهد آيرش بروست، والتي استكشفت واقع آليّات المساءلة الإعلامية في الجزائر ومصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وتونس وسوريا.

قدم خبراء المساءلة الإعلامية من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وكذلك من ألمانيا والبوسنة والهرسك وبولندا أمثلة على التحديات وأفضل الممارسات من المنطقة لآليّات المساءلة الإعلاميّة من خلال إشراك الجمهور. أعطى المتحدّثون في الجلسة المُعنونة "حالة الإعلام والمساءلة بعد الربيع العربي: تونس - حالة أفضل ممارسة؟"، أمثلة على أفضل الممارسات. صرح السيد إيهاب الشاّوش، صحفي ومنتج برامج في التلفزيون الوطني التونسي أنه بسبب المطالب العامّة، تم تطوير أشكال جديدة لجمهور القناة وتوفير مساحة لمناقشة القضايا المتعلقة بالإعلام وهياكل المساءلة الإعلامية التي هي في كثير من الحالات جديدة على الجمهور.  ناقشت السيدة نرجس مخينيني، المُوفّقة الإعلاميّةلإذاعة جوهرة أف أم (تونس) والسيد الهادي السنوسي، المُوفّق الإعلاميلراديو موزاييك أف أم (تونس)، أهمية التفّاعل مع الجمهور. إذ أكّدا على أنّ ملاحظاتالجمهورالإيجابية والسلبية مهمة لسياسة التحرير وللمذيعين لمعرفة احتياجات الجمهور، ليس فقط لحل الشّكاوي ولكن أيضًا لنقل اقتراحات الجمهور إلى إدارة وسائل الإعلام. حتى الآن، تونس هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي أدخلت خطّة الموفّقين الاعلاميين في غرف الأخبار الإذاعية.

 أكدت إيزابيلا كركفسكي، منسّقة مشروع معهد آيرش بروستبمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن إدخال الموفّقين الإعلاميين في غرف الأخبار في عام 2014 لم يكن مكلفًا ولا يتطلب سوى صحفي (ة) متدرب(ة) جيدًا ولديه خبرة وعلى دراية بكل من مدونة السلوك وكذلك تشريعات وسائل الإعلام. يمكن إرساء هذه الآليّة بسهولة في غرف الأخبار، في حين أن إنشاء مجالس صحافة مستقلة أمر أكثر تعقيدًا. الأمر الذي يتطلب هيكلًا إداريًا وأمانة عامة ومساحة مكتبية وعدد مهمّ من الأعضاء لِلجنة الشكاوى. ومع ذلك، عادة ما يتم إنشاء مجالس الصحافة على المستوى الوطني ويتم دعمها من قبل مجتمع إعلامي كبير أو جمعية صحفيين. يتيح هذا الدعم للمجلس الأداء بطريقة مختلفة تمامًا عن الموفّقين الإعلاميين، مثل دوره الرّئيسيفي كونه مراقبا إعلاميّا لجميع وسائل الإعلام على المستويين الوطني والمحلي. ومع ذلك، وكما صرحت نرجس مخينيني، تم تشكيل شبكة من الموفقين الإعلاميين في تونس في عام 2016، للتفاعل بشكل قوي مع الجمهور. في هذا السياق، أعلنت نرجس مخينيني أنها ستقدّم على إذاعة جوهرة في كانون الثاني/جانفي 2022، برنامجا مدته ساعة واحدة سيتم تخصيصه ليكون أول برنامج إذاعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حولالمساءلة الإعلاميّة.وشرح كل من نرجس مخينيني والهادي السنوسي طريقة عملهم المتمثّلة أساسا في التحقق والإجابة على شكاوى جماهيرهم. كلاهما يلتزم بقواعد مدونة الأخلاق، ولكنهما يقومان أيضًا، إذا لزم الأمر بتطوير المدونة. إنهم يسهرون على جودة المحتوى ويُنظّمون أيضًا التدريبات التي تسمح للصحفيين بالتمييز بين الرأي والتعليق. كلاهما على اتصال بغرف التحرير للقيام بالتصحيحات اللّازمة، وكذلك جمع الاقتراحات من الجمهور ونشرها عبر الإنترنت. أخيرًا يُشارك كلاهما في اجتماعات شهرية مع الإدارة، حيث يقدمون تحليلًا للحالات التي تم حلّها. أدلى كلّ من الموفقين الإعلاميين نرجس مخينينيوالسيد الهادي السنوسي بتصريح مشترك: "منذ أن تمّ تعيين الموفقين الإعلاميين في غرف الأخبار، تلقّت وسائل الإعلام لدينا عددا أقل من الشّكاوي". تعتبر ثقة الجمهور أمرًا ضروريًا لتحقيق أي نوع من التواصل مع وسائل الإعلام التي تهتم عمومًا بمتابعة مدى احترام معاييرها المهنيةالداخلية. ومع ذلك، من الشائع أن الزملاء الذين ليسوا على دراية بوظائف الموفّقين الإعلاميينيعتبرونهم جواسيس. تمثّل أحد المقترحاتفي توفير المزيد من التدريبات لصحفيّي غرف الأخبار بشكل عام لجعلهم على دراية بالدور المهم للموفقين الإعلاميين وأن معالجة الانتهاكات الأخلاقية تعني أنّ الصّحفيين سيكونون في منأى عن الدّعاوي القضائيّة.

يختلف وضع المساءلة الإعلامية القسرية تمامًا في البلدان الأخرى مثل الجزائر وليبيا والعراق. أوضح البروفيسور رضوان بوجمعة من الجزائر أن النظام التّعديلي في هذه البلدان يواجه انتقادات وأنه لا توجد آلية مطبقة فيما يتعلق بحرية الوصول إلى المعلومات للصحفيين، وبالتالي لا توجد آلية محددة للتواصل مع الجمهور وتوعيتهم بحقوقهم.قال بوجعمة: "إن هامش الحرية يتحدّد من خلال المكان الذي تعيش فيه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومدى ارتباطه بمشاركة جمعيات الصحفيين في أنشطة المراقبة". كما قال ان إشراك الجمهور في المساءلة الإعلاميّة مُكلف وأن معظم وسائل الإعلام لا تستطيع تحمل تكاليفهخاصّة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.ومع ذلك، يمارس الجمهور بالفعل، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي غير المنظمة، حقّهم في النقد، وفي مرحلة ما ستدرك وسائل الإعلام أهمية إشراك الجمهور على الرغم من الأزمة الاقتصادية.

قدمت فاطمة اللواتي، مديرة المشاريع بمرصد الإعلام في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، نظرة مُعمّقة لأداة مهمة للمساءلة الإعلامية، وهي التربية الإعلامية (MIL)، اللازمة لتثقيف المواطنين العاديين حول حقوقهم. تكمن المشكلة في أن معظم مشاريع التربية الإعلامية والمعلوماتية في المدارس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتمد على تمويل المانحين الدوليين ولا تُدرج التربية الإعلامية والمعلوماتية في مناهجها. في تونس، تمّت تغطية معظم أنشطة التربية الإعلامية من قبل معلمي المدارس الذين عملوا كمتطوعين في أوقات فراغهم. ومع ذلك، فإن معظم وزارات التربية والتعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تدعم أنشطة التربية الإعلامية والمعلوماتية على الإطلاق. كما جادلت فاطمة اللواتي في تدخّلها الأخير أنّ:"اكتساب المعرفة عن الجمهور لا يكفي! من الضروري إنشاء مجتمع كامل يتمتع بمعرفة عميقة بالتربية الإعلاميّة حتّى يكون جزءا من المساءلة الإعلاميّة". قال الدكتور خالد غلام من ليبيا وهو داعم كبير لجهود مساءلة وسائل الإعلام في ليبيا، أنه على عكس تونس، فإن المساءلة الإعلاميّة ليست مُدرجة في المناهج الجامعيّة. وبعد ثلاثة أيام من العمل، سلطت ورشة العمل الضّوء على "خطوة أولى للتّغيير" من خلال تبادل المعلومات الأوليّة حول الدّعم المستقبلي المحتمل لتطوير منهج المساءلة الإعلاميّة والذي سيتمّ بين جامعة تونس وليبيا.

كانت مساهمة السيد المنّوبيالمرّوكي، عضو مجلس الصحافة المستقل في تونس، ذات أهمية كبيرة خلال ورشة العمل الإقليمية التي استمرت 3 أيام. مجلس الصحافة التونسي هو مجلس الصحافة المستقلّ الوحيد الذي تأسس بعد ثورة الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يُعدُّهذا المجلس نموذجًا يُحتذى به للعديد من بلدان المنطقة التي تفتقر حاليًا إلى أي هيئات مستقلة ذاتية التّعديل.وأوضح السيد المرّوكي أن النّظام الداخلي لمجلس الصحافة في تونس تم تطويره بطريقة تشاركية من قبل ممثلي جميع جمعيات الصحفيين. تم إنشاء هيئة التنظيم الذاتي في عملية رسمية تضم ناشري وسائل الإعلام ونقابات الصحفيين وكذلك جمعيات الصحفيين.تتكوّن لجنة الشكاوى من تسعة أعضاء (يُمثلون وسائل الإعلام المطبوعة ووسائل الإعلام عبر الإنترنت والمذيعين ومعهم قاض وأستاذ جامعي والعديد من الصحفيين). خلال مرحلة التأسيس، تم تشكيل ثلاث لجان للتعامل مع شكاوى الجمهور والقضايا المهنية وكذلك العلاقات العامة.تُنشر قرارات وبيانات مجلس الصحافة في تونس حاليًا فقط علىالفايسبوك، لأن التمويل المقترح لم تتم الموافقة عليه من قبل البرلمان المعطل. كان نموذج التمويل الأصلي (وفقًا لنماذج تمويل مجلس الصحافة الألماني ومجلس الصحافة في بلجيكا) سيوفر تمويلًا حكوميّا بنسبة 50 ٪.ومع ذلك، لا يمكن اعتماد مشروع القانون لأن التغييرات السياسية الوطنية جعلت البرلمان غير فعّال. تُسبّب هذهالمشكلة المتعلّقةباللّوائح التّنظيميّةالعديد من التّعقيدات لهيئة التنظيم الذاتي، حيث تفتقر حاليًا للوجود القانوني والهيكلالتمويلي ومكان للاجتماعات الدورية للجنة الشكاوى.

وقدمت السيدة ليليانا زوروفاك، المديرة التنفيذية السابقة لمجلس الصحافة في البوسنة والهرسك، مثالاً مفصلاً عن كيفية إنشاء مجالس الصحافة في حالات ما بعد الصراع. وشددت على أن الحوار مع مالكي وسائل الإعلام والناشرين وجمعيات الصحفيين والبرلمانيين والجهات المانحة الدولية أمر ضروري من أجل الحصول على خارطة طريق واضحة حول الأداء الذاتي والمستقل لمجلس صحافة فعّال على المستوى الوطني.وأكدت أن الحوار مع القضاة أداة مهمة للغاية، حيث تقوم مجالس الصحافة بحلّ الشكاوى بسرعة كبيرة بدون تكلفةوبلا تدخّل المحاكم، عبر إجراءات التّحكيم. إنّ حضور مجلس الصّحافة، غالبًا ما يساهم في تخفيف عمل القضاة إلى حد كبير. النهج الشامل لمجلس الصحافة المستقل مفيد في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية. في حالة البوسنة والهرسك، اكتسب مجلس الصحافة مكانة قوية للغاية وحظي بقبول واسع من قبل وسائل الإعلام وكذلك الجمهور.يتلقّى مجلس الصحافة سنوياً 1000 شكوى من الجمهور. لذا فإن مجلس الصحافة هو أداةتواصل مهمة بين الجماهير (القراء والمستخدمين والجمهور) ووسائل الإعلام والصحفيين. ومع ذلك فإن اختصاصات مجلس الصحافة الحيوي والفعّال تفي أيضًا بوظيفة هيئة المراقبة، والتي يمكنها في أوقات الأزمات الإدلاء ببيانات عامة وإيجاد حلول واسعة النطاق.ومع ذلك فإن الاستدامة الذاتية والماليّة لمجالس الصحافة تمثل تحديًا كبيرًا، يجب النّظر فيه جيدًا ووضع الميزانية له قبل إنشائه. في كثير من الحالات، تعمل المجالس الصحفية ببساطة على دعم المانحين، وهو دعم غير مستدام وسيختفي يومًا ما. بعض الدول، مثل ألمانيا وبلجيكا وتونس، لديها نموذج يمكن من خلاله أن تدعم ميزانية الدولة مجلس الصحافة بنسبة تصل إلى 49٪ أو 50٪، ويتأتّى الرصيد المتبقي من رسومالعضويةبمجلس الصحافة وجمعيات الصحفيينودعم التمويل الدولي. قالتزوروفاك أنّه: "لا يمكن تحقيق مثل هذه الآلية المهمة للتنظيم الذاتي لوسائل الإعلام إلا من خلال حوار راسخ وطويل الأمد مع جميع الأطراف الفاعلة بالإضافة إلى الاستشارات الجيدة مع مجالس الصحافة الأجنبية ذات الخبرة الجيدة ". وأضافتكركفسكي، وهي خبيرة إعلاميّة ومستشارةسابقةللمدير التنفيذي لمجلس الصحافة في البوسنة والهرسك، أنّ الحكومة الألمانية توفر آلية استشارية فريدة طويلة المدىعبر مركز الهجرة الدولية والتنمية والذي يمتدّ عمله أيضا إلى الإعلام. (https://www.cimonline.de)

شرح أ. د. احمد الصادق الذي شدد على استقطاب وسائل الاعلام في العراق وكذلك المجتمع الاعلامي بأكمله الذي عانى من الانقسام والتفكك بعد الثورة. وأكد أن هناك حاجة لعدسة موضوعية في العملية الايديولوجية للتغيير السياسي وأنه من المهم توعية وسائل الإعلام ليكونوا جزءًا من النقد البناّء لتعبيد طريق الديمقراطية. لذلك يجب تنفيذ أدوات المساءلة الإعلاميّة في العراق بشكل عاجل باتباع نماذج أفضل الممارسات، والتي أنشأت على سبيل المثال في تونس وكانت قادرة على الرغم من البيئة المعادية للمساءلة بعد ثورة الربيع العربي، على إنشاء مجلس للصحافة وموفقين إعلاميين في غرف الأخبار وتأسيس هيئة تعديليّة مستقلة. وجادل الدكتور الصادق بأن الإدارات الإعلامية لوسائل الإعلام وكذلك القطاع التعليمي في الجامعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يجب أن يكون لديها معرفة شاملة ودقيقة بدور الموفقين الإعلاميين وأهميتهم في فتح قنوات التّواصل مع الجمهور. كما دعا الدكتور الصادق في هذا الصّدد إلى دعم مكثّف من المانحين الدوليين لأنشطة مساءلة وسائل الإعلام في العراق.

أوضح الدكتور ميشال شلبفسكي، مدير معايير البرمجة في مجموعة (TVN Discovery Group) في بولندا، من خلال أبحاثه وإحصائيّاته في وسائل الإعلام البولندية أن أكثر من 50٪ من طاقم التحرير في غرف الأخبار الإعلامية ليسوا على دراية بتفاصيل قواعد السلوك - هذا هو السبب في ضرورة تطبيق أقسام المعايير والممارسات والموفّقين الإعلاميين في أقسام التحرير. في هذه الحالة، يمكن لمدير المعايير الوصول إلى عملية الإنتاج في أي مرحلة من أجل التواصل مع هيئة التحرير ومنع الانتهاكات الأخلاقية. تمتلك "تي في أن ديسكفري غروب" في بولندا أيضًا منصة خاصة بها لتقصي الحقائق، حيث يمكنهم توعية المحررين والجمهور بمحتوى الأخبار الزّائفة. علاوة على ذلك، تمتلك قناة TVN24 (القناة الإخبارية) حسابًا على تويتر يتم فيه تصحيح الأخطاء وإرسال الاعتذارات. إن أدوات إشراك الجمهور هذه فعالة بالفعل كما قال السيد سلام مليك، عضو الاتحاد التونسي للإذاعات الجمعياتيّة: "لقد طوّرنا تطبيقًا عبر الإنترنت لإذاعتنا الجمعياتيّةيُمكّنُالجمهور من إرسال تعليقاتهم وشكاويهم. تتيح هذه الأداة للمحرّرين الاتصال المباشر بجمهورهم وتقديم تصحيحات فوريّة للمحتوى".

ناقشت ورشة العمل الإقليمية في اليوم الثالث مجموعة من التوصيات أنتجتها ثلاث مجموعات عمل مع خبراء ومستشارين دوليين والتي قد يتمّ تنفيذها في المستقبل القريب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:

  "إنشاء مجالس الصّحافة"I

  1. الاحتياجات والتحدّيات في منطقة شمال إفريقيا والشّرق الأوسط:

 تونس

احتياجات مجلس الصحافة في تونس:

التمويل والخبرة الدولية؛ إنشاء منصب مدير تنفيذي مدفوع الأجر؛ إشراك النّاشرين المرتبطين بالهيكل التمويلي لمجلس الصحافة؛ توعية المجتمع المدني بهياكل المساءلة الإعلامية؛ النّظر في إمكانية تشكيل لجنة إعلامية في البرلمان في المستقبل.

المغرب

احتياجات مجلس الصحافة في المغرب:

متطلبات عضوية المجلس قديمة ويجب مراجعة المواد ذات الصلة من التشريعات القانونية من قبل خبراء مرتبطين بالمعايير الدولية مصحوبة بمناصرة واسعة للتغيير؛ يجب أن تكون إجراءات الإبلاغ عن مخالفات قانون الصحافة وقرارات المجلس شفافة للجمهور؛ في المسائل ذات الاهتمام العام العالي، على المجلس أن يجيب ببيان عام باعتباره هيئة تنظيم وتعديل ذاتي نشطة وخاضعة للمساءلة.

العراق

احتياجات وتحدّيات مجلس الصحافة في العراق:

تتأثر هيئة المراقبة الحالية لوسائل الإعلام المطبوعة وجمعيات الصحفيين ووسائل الإعلام والصحفيين في معظم الحالات بالممثلين السياسيين للأحزاب المختلفة ولا تعمل بشكل مستقلّ.

يسمح التشريع بإنشاء مجلس صحفي مستقل في العراق، لكن تطبيق القانون يمثل تحديًا.

في كثير من الأحيان، لا يقبل الصحفيون النقد فيما يتعلق بانتهاك مدوّنة الأخلاق.

مُنظمات المجتمع المدني وبصفتها إحدى آليّات المراقبة لوسائل الإعلام، تُعتبر مُمثلة تمثيلا ضعيفا في معظم الحالات.

  1. التّوصيات للمستقبل:
  1. "تنفيذ خطّة الموفقين الإعلاميين في وسائل الإعلام": 
  1. التحدّيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 
  1. الفرص المتاحة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
  1. الحلول للخطوات المستقبليّة

 ـ تكثيف الاجتماعات والتشبيك بين الفاعلين الإعلاميين في المنطقة لتقديم أدوات المساءلة الإعلاميّة

ـ دعم تدريب الصحفيين المهتمين بخطّة الموفق(ة) الإعلامي(ة) والتّي يُمكن تنفيذها بسهولة فيغرف التحرير علما أنّ تكاليف المنصب ليست عالية

- لقاءات مع مديريوأصحاب ورؤساء تحرير وسائل الإعلام

  1. "إشراك الجمهور":
  2. التحدّيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ـ التحديات السياسية بسبب النفوذ السياسي

ـ جائحة كوفيد -19 مع تشريعات قاسية وتقييدية

ـ مصداقية القرارات

ـ الشفافية في الإبلاغ عن المخالفات الأخلاقية

ـ عدم وجود تواصل سليم داخل غرف التحرير وحول دور الموفّقين الإعلاميين

ـ التواصل بين الجمهور ووسائل الإعلام

  1. الفرص المتاحة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ـ التطوّر السّريع للتكنولوجيا ووسائل التّواصل الاجتماعي

ـ بناء الجسور بين تقنيات الأخبار ووسائل التّواصل الاجتماعي

ـ لتحويل المساءلة إلى الاستدامة

ـ حاجات ومطالب الجماهير ووسائل الإعلام

ـ كوفيد 19

ـ وسائل الإعلام الرّقميّة

  1. الحلول الممكنة والخطوات المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ـ خلق علاقة تفاعلية بين الإعلام والجمهور من خلال إعداد برامج نقدية لوسائل الإعلام

ـ توفير منصة للإبلاغ عن الإساءات والأخطاء في المحتوى الإعلامي

وافق المشاركون على مشاركة هذه التوصيات على شبكة المساءلة الإعلاميةلمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمعهد آيرش بروست (المكونة من 53 عضوًا و10 دول)، وكذلك الدخول في حوار مع المنتدى العالمي لتطوير وسائل الإعلام حول القضايا المذكورة أعلاه من أجل دمج وجهات نظر الجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سياسات التمويل الدولية.

للتّواصل معنا:

أ. د. سوزان فنغلر، رئيسة معهد آيرش بروست للصّحافة الدّوليّة

susanne.fengler@tu-dortmund.de

أ. د. عبد الكريم الحيزاوي، رئيس مركز تطوير الإعلام في تونس

ahizaoui@gmail.com

إيزابيلا كركفسكي، منسّقة معهد آيرش بروست للصّحافة الدّوليّةبمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

isabella.kurkowski@tu-dortmund.de

فاطمة اللواتي، مديرة مشاريع مرصد الإعلام في شمال إفريقيا والشرق الأوسط

fatmalisme@gmail.com