لأول مرة منذ 2014، تستعد البلاد لخوض انتخابات رئاسية دون مراقبة الهيئة التعديلية المستقلة للاتصال السمعي البصري، بعد تجميها فعليا وانتزاع مشمولاتها القانونية من طرف هيئة الانتخابات. ولأول مرة منذ اعتماد قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة في مارس 2016، تجد هيئة النفاذ إلى المعلومة نفسها مشلولة بعد إنهاء مهام رئيسها بالنيابة وعدم تسمية رئيس جديد لها، بما يلغي حق المواطن في الاعلام المضمون في الدستور.
في هذا الإطار، وبمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه، نظم مركز تطوير الاعلام بتونس يوم 21 جوان الجاري ندوة تحت عنوان " الاعـلام والانتخـابـات: التعديل والتعديل الذاتي"، شارك فيها ممثلون عن المنظمات المهنية وأكاديميون وخبراء.
وبعد استعراض مستجدات الإطار القانوني المنظم للانتخابات والتذكير بمقتضيات المرسوم 116 لسنة 2011 المنظم لحرية الاتصال السمعي البصري والمحدث للهيئة التعديلية المستقلة (الهايكا)، تبيّن بما لا يدع مجالا للشك أن منظومة الحرية التي وضعت أسسها في 2011 ألغيت فعليا بالمراسيم الرئاسية الصادرة بعد 25 جويلية 2021. فالمرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال قد ألغى عمليا المرسوم 115 لسنة 2011 الضامن لحرية التعبير والمنظم لقطاع الصحافة.
أما المرسوم 116 لسنة 2011 المنظم لحرية الاتصال السمعي البصري، فقد ألغي عمليا بتجميد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) وبانتزاع صلاحياتها في الفترات الانتخابية لصالح هيئة الانتخابات.
أخيرا وليس آخرا، التحقت هيئة الحق في النفاذ إلى المعلومة بقائمة المؤسسات المشلولة بعد انهاء إلحاق رئيسها بالنيابة وعدم تسمية من يعوضه.
لذلك تركز النقاش حول سبل تفعيل آليات التعديل الذاتي لتمكين المهنيين من مراقبة سلامة الممارسات الصحفية بأنفسهم وللتقليص من حجم الرقابة القضائية والأمنية. واستعرض المشاركون بعض الإجراءات العملية الكفيلة بتفعيل آليات التعديل الذاتي الموجودة والمنشودة. ودار نقاش ثري حول الورقة التي تقدم بها مركز تطوير الاعلام والتي تطرح إمكانية اعتماد الآليات العاملة حاليا داخل نقابة الصحفيين (وحدة رصد الأخبار الزائفة ووحدة رصد وتوثيق الانتهاكات في حق الصحفيين وحرية الصحافة ولجنة الأخلاقيات) مع دعمها بموارد متخصصة، في انتظار استكمال مجلس الصحافة لمقومات أداء مهام التعديل الذاتي الشامل لقطاع الاعلام بجميع مكوناته. وفي المقابل، ارتأى بعض المشاركين التسريع في تفعيل مجلس الصحافة ليتولى سد الفراغ الذي أحدثه تجميد الهيئتين السابقتي الذكر.
واختتمت أشغال الندوة برفع توصية لعقد منتدى وطنيا حول التعديل الذاتي تحضره كل الأطراف المعنية بقطاع الاعلام.
وقد شارك في الندوة إلى جانب طاقم مركز تطوير الاعلام:
- الخبيران محمد الضيفي ود. أيمن الزغدودي
- مديرة مخبر بحث معهد الصحافة وعلوم الأخبار د. حميدة البور
- الطيب الزهار، رئيس الجامعة العامة لمديري الصحف
- الناجي البغوري، مكتب اليونسكو بتونس
- ياسمين الدخلي، مرصد الأخبار الزائفة لدى النقابة الوطنية للصحفيين
- سلوى الغزواني، مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة "المادة 19"
- نزهة بن محمد، منظمة "صحفيون من أجل حقوق الانسان"
- وليد الماجري، مدير موقع "الكتيبة"
- الصحفيون/ات منوبي مروكي ، ثامر الزغلامي، يسر بلخيرية، هاجر بن حسن، وداد حمدي، هاجر التليلي، كمال الشارني، سماح غرسلي.
واعتذر نقيب الصحفيين زياد دبار لتزامن الندوة مع التزام سابق.